حمزة بن عبدالمطلب
حمزة بن عبد المطلب عم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخوه من الرضاعة فهما
من جيل واحد نشأ معا ، ولعبا معا ، وتآخيا معا000وعندما كبر حمزة كان يتمتع
بقوة الجسم ، وبرجاحة العقل ، وقوة الارادة ، فأخذ يفسح لنفسه بين زعماء
مكة وسادات قريش ، وعندما بدأت الدعوة لدين الله كان يبهره ثبات ابن أخيه ،
وتفانيه في سبيل ايمانه ودعوته ،لذى طوى صدره على أمر ظهر في اليوم
الموعود000يوم اسلامه000
اسلام حمزة
كان حمزة -رضي الله عنه- عائدا من القنص متوشحا قوسه ، وكان صاحب قنص يرميه
ويخرج اليه وكان اذا عاد لم يمر على ناد من قريش الا وقف وسلم وتحدث معه ،
فلما مر بالمولاة قالت له :( يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد
آنفا من أبي الحكم بن هشام ، وجده ههنا جالسا فآذاه وسبه ، وبلغ منه
مايكره ، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد -صلى الله عليه وسلم-)000فاحتمل حمزة
الغضب لما أراد الله به من كرامته ، فخرج يسعى ولم يقف على أحد ، معدا
لأبي جهل اذا لقيه أن يوقع به ، فلما وصل الى الكعبة وجده جالسا بين القوم ،
فأقبل نحوه وضربه بالقوس فشج رأسه ثم قال له :( أتشتم محمدا وأنا على دينه
أقول ما يقول ؟000فرد ذلك علي ان استطعت )000
وتم حمزة -رضي الله عنه- على اسلامه وعلى ما تابع عليه رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- ، فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قد عز وامتنع ، وان حمزة سيمنعه ، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه000
حمزة و الاسلام
ومنذ أسلم حمزة -رضي الله عنه- نذر كل عافيته وبأسه وحياته لله ولدينه حتى
خلع النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه هذا اللقب العظيم :( أسد الله وأسد
رسوله )000وأول سرية خرج فيها المسلمون للقاء العدو كان أميرها حمزة -رضي
الله عنه-000وأول راية عقدها الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأحد من المسلمين
كانت لحمزة000ويوم بدر كان أسد الله هناك يصنع البطولات000حتى أصبح هدفا
للمشركين في غزوة أحد يلي الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الأهمية000
استشهاد حمزة
(اخرج مع الناس ، وان أنت قتلت حمزة فأنت عتيق)
هكذا وعدت قريش عبدها الحبشي ( وحشي غلام جبير بن مطعم ) ، لتظفر برأس حمزة
مهما كان الثمن ، الحرية والمال والذهب الوفير ، فسال لعاب الوحشي ،
وأصبحت المعركة كلها حمزة -رضي الله عنه- ، وجاءت غزوة أحد ، والتقى
الجيشان ، وراح حمزة -رضي الله عنه- لايريد رأسا الا قطعه بسيفه ، وأخذ
يضرب اليمين والشمال و ( الوحشي ) يراقبه ، يقول الوحشي :( 000 وهززت حربتي
حتى اذا رضيت منها دفعتها عليه ، فوقعت في ثنته ( ما بين أسفل البطن الى
العانة ) حتى خرجت من بين رجليه ، فأقبل نحوي فغلب فوقع ، فأمهلته حتى اذا
مات جئت فأخذت حربتي ، ثم تنحيت الى العسكر ، ولم تكن لي بشيء حاجة غيره ،
وانما قتلته لأعتق 000 )000
وقد أسلم (الوحشي) لاحقا فهو يقول :( خرجت حتى قدمت على رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- المدينة ، فلم يرعه الا بي قائما على رأسه أتشهد بشهـادة
الحـق ، فلما رآني قال :( وحشي )000قلت :( نعم يا رسـول اللـه )000قال
:(اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة ؟)000فلما فرغت من حديثي قال :( ويحك غيب عني
وجهك فلا أرينك !)000فكنت أتنكب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث كان
، لئلا يراني حتى قبضه الله -صلى الله عليه وسلم-)0
واستشهاد سيد الشهداء -رضي الله عنه- لم يرض الكافرين وانما وقعت هند بنت
عتبة والنسوة اللاتي معها ، يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- ، يجدعن الآذان والآنف ، حتى اتخذت هند من آذان الرجال وآنفهم
خدما ( خلخال ) وقلائد ، وأعطت خدمها وقلائدها وقرطتها وحشيا000وبقرت عن
كبد حمزة ، فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها ، فلفظتها 000
حزن الرسول على حمزة
وخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- يلتمس حمزة بن عبد المطلب ، فوجده ببطن
الوادي قد بقر بطنه عن كبده ومثل به ، فجدع أنفه وأذناه ، فقال الرسول -صلى
الله عليه وسلم- حين رأى ما رأى :( لولا أن تحزن صفية ويكون سنة من بعدي
لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير ، ولئن أظهرني الله على قريش
في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم !)000فلما رأى المسلمون حزن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وغيظه على من فعل بعمه ما فعل قالوا :(
والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من
العرب )000
فنزل قوله تعالى :( وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو
خير للصابرين ، واصبر وما صبرك الا بالله ، ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق
مما يمكرون )000
فعفا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونهى عن المثلة ، وأمر بحمزة فسجي
ببردة ، ثم صلى عليه فكبر سبع تكبيرات ، ثم أتى بالقتلى فيوضعون الى حمزة ،
فصلى عليهم وعليه معهم ، حتى صلى عليه اثنتين وسبعين صلاة000وكان ذلك يوم
السبت ، للنصف من شوال ، سنة (3) للهجرة000